بعدما جنّدت كل مؤسسات الدولة.. هل فشلت الجزائر في استمالة نواكشوط ضد المبادرة الملكية لدول الساحل؟

 بعدما جنّدت كل مؤسسات الدولة.. هل فشلت الجزائر في استمالة نواكشوط ضد المبادرة الملكية لدول الساحل؟
الصحيفة - خولة اجعيفري
الأربعاء 24 يناير 2024 - 23:03

يبدو أن خطوة تحريك الجزائر لكل مؤسسات الدولة من رئاسة الجمهورية إلى البرلمان، من أجل استمالة موريتانيا ومنعها الدخول فى المبادرة الدولية من أجل تعزيز ولوج دول الساحل الأفريقي إلى المحيط الأطلسي التى اقترحها المغرب في نهاية دجنبر الماضي، قد باءت بالفشل، بعدما بدّدت زيارة وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق إلى الرباط، كل هذه الطموحات.

وفسّرت صحيفة "لاكروا" الفرنسية، دعوة الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون لوزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوك، يوم الثلاثاء الماضي، بأنها محاولة للوقوف في وجه الدبلوماسية التجارية التى أسس لها المغرب فى اجتماع مراكش 23 دجنبر الماضي بمشاركة وزراء خارجية بلدان الساحل (مالي، بوركينافاسو، النيجر، اتشاد) وقدموا ردودا إيجابية، على المبادرة الملكية المتعلقة بتسهيل وصول بلدانهم إلى المحيط الأطلسي، عبر ميناء الداخلة في إقليم الصحراء المغربية.

وبعد مغادرة وزير خارجية موريتانيا الجزائر، أعلن عن وصول رئيس الجمعية الوطنية الموريتانية محمد ولد مكت، فى  زيارة جاءت تلبية لدعوة من رئيس المجلس الشعبي الوطني الجزائري وتم خلال الزيارة التوقيع على بروتوكول تعاون خاص بين المؤسستين.

وتزامنا مع هذا الزخم الإعلامي الجزائري المبالغ فيه، بزيارة الوفود الموريتانية إلى بلادهم في الفترة السابقة حل وزير الخارجية الموريتاني محمد سالم ولد مرزوق بالرباط في زيارة تثبت أن موريتانيا بلد فاعل في مبادرة الملك محمد السادس بشأن ربط دول الساحل بالمحيط الأطلسي، وهي الخطوة التي من شأنها قطع الطريق على محاولات التشويش على العلاقات بين البلدين.

وفي وقت فضّل وزير الخارجية الموريتاني عدم إثارة موضوع المبادرة المغربية خلال الندوة الصحافية الذي جمعته بنظيره المغربي والافصاح عن نوايا بلاده بهذا الخصوص، مكتفيا بالتعبير عن توافق الرؤى بين البلدين ووجود تطابق هام في وجهات النظر وأنه ما دام هناك هذا التنسيق بين الوزارتين وبين قائدي البلدين، فهناك أيضا بحث دائم عن مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، تسلم بوريطة الكلمة ليؤكد في تصريحه الذي قطع الشك باليقين أن موريتانيا "جزء أساسي من مبادرة الأطلسي الملكية".

وتندرج المبادرة المغربية الأطلسية ضمن سياسة جنوب – جنوب التي ستمكن دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي  واستغلال الموانئ البحرية المغربية لتحقيق ديناميكية اقتصادية وأمنية متفردة.

 وكان وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، قد أعلن نهاية دجنبر الماضي اجتماعا مع نظرائه وزراء خارجية مالي والنيجر وتشاد وبوركينا فاسو، ولم يحضر نظيره الموريتاني الاجتماع وقتها، ما اعتبر رفضا من نواكشوط للمبادرة واعتبره مراقبون بمثابة ضوء أخضر سمح للجزائر بمحاولة استمالة بلاد شنقيط عبر "دبلوماسية البصل"، وتبادل الزيارات المؤسساتية.

وجرى الإعلان عن هذه المبادرة في الخطاب الملك محمد السادس بمناسبة الذكرى 48 للمسيرة الخضراء الذي أكد فيه أن "المشاكل والصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية والعسكرية فقط؛ بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون والتنمية المشتركة".

ويرى المحلل الموريتاني الخبير في الشؤون الأفريقية، أحمد بديع، أن حكومة بلده تعي جيدا الأهمية التي تكتسيها هذه المبادرة والتي تأتي أيضا في سياق الرغبة الملحة على تعزيز التعاون الاقتصادي والمبادلات التجارية مع المغرب الذى بلغ ناتجه القومي 120 مليار يورو في 2022، وبالتالي هذا يصُب في انضمامها لها باعتبارها المعني الأول بحكم الحركة التجارية والحدود البحرية والبرية المشتركة، إلى جانب باقي دول الساحل فى تنميتها الإقتصادية ودون ان تفرض عليها شروطا مقابلة.

بديع، وفي تصريح لـ "الصحيفة"، قال إن موريتانيا تجيد "ذكاء المسافة" وطيلة عقود مضت حاولت البقاء على نفس الخط من الصراع الجزائري المغربي، لكنها وفي نفس الوقت يجب أن تستحضر مصالحها الاقتصادية خصوصا في هذه الظرفية المتأزمة وبالتالي ستحاول بكل جهد الحفاظ على مصالحها الإسترتيجية مع الجارتين الشقيقتين، وإن كانت هذه المهمة شبه مستحيلة".

ووضع المغرب كل من موريتانيا ودول الساحل والصحراء في قلب توجهه الجديد من أجل تحقيق هذا  البناء الأطلسي المشترك، كما أبدت الحكومة الموريتانية وفي إطار الزخم الذي تشهده العلاقات بين الرباط ونواكشوط، رغبتها في استمرارية تأمين الخط التجاري المغربي – الموريتاني باعتباره شريانا تجاريا رئيسيا، خاصة بعد تحرير معبر الكركرات الحدودي الفاصل بين البلدين في 2020، والذي أسهم في ارتفاع وتيرة التعاون الاقتصادي والتجاري دون تشويش، وذلك في إطار خارطة طريق عنوانها المصلحة المشتركة، والتعاون في العديد من المجالات التجارية والاقتصادية والأمنية.

 وكان الفاعلون الاقتصاديون المغاربة والموريتانيون قد عبّروا عن تطلعهم نحو إعطاء دفعة قوية للعلاقات الاقتصادية بين البلدين في ظل ضعف الاستثمارات والمبادلات التجارية، وذلك على هامش النسخة الثانية للمنتدى الاقتصادي المغربي-الموريتاني المنظم من طرف الاتحاد العام لمقاولات المغرب، والاتحاد الوطني لأرباب العمل الموريتانيين شتنبر الماضي.

وأعربت موريتانيا وقتها، عن عدم رضاها حيال ما سجلته من ضعف للتعاون الاقتصادي مع المغرب، مشدّدة على أن مجموع المكاسب الاقتصادية المحققة لحد الآن على مستوى التعاون لا ترقى للطموحات المشتركة بين البلدين، والهادفة إلى رفع حجم التبادل التجاري والارتقاء بنوعية الاستثمارات المشتركة، واستثمار الاستحقاقات الاقتصادية الواعدة بإقامة شراكات عديدة ومتنوعة ومثمرة".

من جانبها، أكدت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، أن الاقتصادين المغربي والموريتاني يملكان مؤهلات وفرص واعدة، سيمكن التعاون على مستوى رجال الأعمال من الاستفادة منها من خلال إحداث مشاريع كبرى مستقبلا، وهو ما اتفق معه شكيب لعلج، رئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، الذي اعتبر أن الاستثمار في قطاعات الفلاحة والصيد البحري، والطاقة المستدامة، يعد من الأولويات ذات الطابع الاستعجالي بالنسبة للتعاون الاقتصادي بين المغرب وموريتانيا خلال الفترة المقبلة نظرا للظرفية التي فرضتها المتغيرات الصحية والمناخية.

غصّة بنكيران

لا يُفوت رئيس الحكومة الأسبق، والأمين العام لحزب "العدالة والتنمية" الحالي، عبد الإله بنكيران، فرصة إلاّ ويرمي بكل التعب النفسي الذي مازال يحمله في دواخله منذ "البلوكاج الحكومي" الذي تلا ...

استطلاع رأي

من تُرشح ليكون أفضل لاعب مغاربي لسنة 2024؟

Loading...